في الكورة : فك شفرة محمد صلاح: الألغاز والعلاقات والرغبة اللامتناهية في النجاح
في الكورة : فك شفرة محمد صلاح: الألغاز والعلاقات والرغبة اللامتناهية في النجاح
في الكورة : فك شفرة محمد صلاح: الألغاز والعلاقات والرغبة اللامتناهية في النجاح
“أمضى محمد صلاح بعض أمسياته خلال جولة نادي ليفربول الصيفية في الولايات المتحدة وهو يعيد مشاهدة أدائه خلال المباريات الودية هناك، وتقييم الأماكن التي كان بإمكانه أن يؤدي فيها بشكل أفضل”.
قال الكاتب سيمون هيوز إنه اختار هذه الفقرة القصيرة لاختتام كتابه الذي جاء بعنوان “مطاردة صلاح”، والذي يتناول فيه السيرة الذاتية للاعب المصري، مرجعاً سبب اختياره لهذه النهاية لأنها تُظهر مدى تزايد رغبته في تحسين ذاته، بعكس ما قد يتوقع البعض أنها تتراجع مع تقدمه في السن.
وأضاف هيوز، في مقال كتبه بموقع “The Athletic” الأميركي، أن هذه السمة يمكن أن تطيل مسيرة صلاح لفترة أطول من غيره، وخاصة أولئك اللاعبين الذين كانوا يُعرفون فقط من خلال قدرتهم على الركض بسرعة كبيرة.
وتابع: “يقال بشكل متكرر أن صلاح فقد بعضاً من سرعته، وربما يكون هذا صحيحاً، ولكن، هل يُترجم هذا بالضرورة إلى تراجع في مستواه، أو افتقار إلى الفعالية؟.
صلاح لاعب مختلف
“الحقيقة هي أن قلة قليلة فقط من لاعبي كرة القدم يهتمون بأنفسهم مثل صلاح، الذي يبلغ من العمر 32 عاماً، والذي بات لاعباً مختلفاً تماماً عن اللاعب الذي وصل إلى ملعب أنفيلد في صيف عام 2017، فاليوم، أصبح لاعباً شاملاً، فهو مهاجم يُدرك مركزه جيداً، ويُتوقع له بسهولة أن يتخطى حاجز العشرين هدفاً للموسم الثامن على التوالي، والاستمرار في كونه قوة إبداعية مؤثرة (كما أظهرت تمريراته الحاسمة ضد باير ليفركوزن يوم الثلاثاء الماضي)”.
وأشار هيوز إلى أنه ربما ليس من الصعب أن نتخيل صلاح جالساً في غرفته بالفندق في الولايات المتحدة وهو يركز بشدة على تفاصيل صغيرة من مباريات الجولة التي لم تُحسب نتائجها في النهاية، قائلاً إن اللاعب المصري يُنظر إليه على أنه شخص مهووس بعمله، وذلك لأنه يدير صورته بعناية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يبدو أن حياته تتضمن روتيناً ثابتاً بين ملعب التدريب وصالة الألعاب الرياضية ومنزله في شيشاير، حيث يعيش بهدوء مع زوجته وابنتيه وقططهم، وإذا كان في إجازة، فمن المرجح أن يكون داخل حمام سباحة ضخم في وضعية تأمل أمام المحيط.
وقال هيوز إن هذا ما يفسر سبب رغبته في كتابة الكتاب، لأنه كان بحاجة إلى فك الشفرة الخاصة بصلاح، لافتاً إلى أنه كان من الصعب تجنب الكتابة عن اللاعب المصري منذ انضمامه إلى ليفربول، وذلك ليس بسبب إنجازاته فحسب، ولكن بسبب التزامه الشديد، كما أنه على الرغم من وجوده الدائم في مرمى الأنظار، فإنه نادراً ما يتحدث علناً، وعندما يفعل ذلك، فإنه يكون غامضاً في كثير من الأحيان.
رسائل صلاح المبطنة
ورأى الكاتب أن الأسبوع الماضي كان مثالاً على ذلك، إذ سجل صلاح هدفاً رائعاً ضد برايتون، ليُذكر الجميع بقدرته على تحديد نتائج المباريات، تماماً كما فعل خارج أرضه أمام نادي أرسنال في مباراة ليفربول السابقة في الدوري الإنجليزي الممتاز، ليقوم بعد ذلك بكتابة رسالة على حسابه على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي.
وأضاف: “عادة ما تمر مثل هذه الرسائل دون الكثير من التدقيق، لكن هذا هو صلاح، وحتى وفقاً لمعاييره، فهذه ليست ظروفاً طبيعية، إذ أنه من المقرر أن ينتهي عقده في الصيف المقبل، ولا يبدو أن أحداً يعرف ما إذا كان سيبقى في النادي، حيث كتب أنه (سعيد بعودة ليفربول إلى قمة الدوري، فهذا هو المكان الذي ينبغي أن يكون فيه الفريق، لا أقل من ذلك)، ثم، جاءت الرسالة الأخيرة حين قال: (مهما يحدث، لن أنسى أبداً شعور التسجيل في أنفيلد)”.
وتابع: “وبالنسبة للكثيرين، فإن الأمر بدا وكأنه يستعد لتوديع الفريق، أو ربما هو فقط يذكر الشخصيات البارزة في ليفربول بأن الوقت يمضي بسرعة وأنه يتعين عليهم إيجاد لاعب آخر غيره”.
وذكر هيوز أن رسالة صلاح هذه تظل مفتوحة للعديد من التفسيرات، كما أنها تستمر في جعل القراء يتساءلون، مما يزيد من الغموض المحيط به، وبالتالي، كان الأمر يستحق البحث بشكل أعمق، ومحاولة معرفة سبب تواصله مع الجمهور بهذه الطريقة، ولماذا لا يصرح سوى بالقليل فقط عن نفسه.
ومضى هيوز يقول إن صلاح يحب التحدث بالألغاز، لكنه يستطيع أن يكون حازماً عندما يشعر بالظلم، وهو ما ظهر عدة مرات في مصر خلال صراعاته مع اتحاد كرة القدم في البلاد، كما أنه كان على استعداد، مؤخراً، لتحدي مدرب ليفربول السابق يورغن كلوب، أمام العالم أجمع، بسبب الظلم الذي كان يتصور أنه يُمارس ضده.
وبعد أن تم استبعاده من تشكيلة الفريق في نهاية الموسم الماضي، مع فشل محاولة ليفربول للفوز بالدوري، اصطدم صلاح بكلوب عندما حاول إدخاله كبديل بعد لحظات من هدف التعادل لوست هام، إذ كان الأخير منزعجاً من المدة التي استغرقها اللاعب للاستعداد للدخول، لكن صلاح اختلف معه، قائلاً إنه لا يمكن تحميله المسؤولية عن عودة وست هام إلى المباراة لأنه لم يكن على أرض الملعب.
وقال هيوز إنه أراد الوصول إلى حقيقة هذا الموقف، ومعرفة مدى عُمق الغضب الكامن تحت المظهر الهادئ الذي يبدو عليه اللاعب، ومدى تأثير ذلك على علاقته بمن حوله.
معلومات جديدة عن النجم المصري
ولفت الكاتب إلى أنه من المهم أن يقدم أي كتاب جديد عن حياة شخص معلومات جديدة عنه، وقد تضمنت عملية البحث والكتابة في هذا الكتاب التحدث إلى مصادر متعددة مرتبطة بصلاح وليفربول، لكن الغالبية العظمى منهم لم يكونوا مستعدين لأن يتم اقتباس كلامهم بشكل مباشر.
وتابع: “مع ذلك، اكتشفت الكثير من الأشياء التي لم أكن أعرفها من قبل، بما في ذلك تفاصيل حول علاقاته مع كلوب، وزملائه في الفريق، وربما الأهم من ذلك، وكيله رامي عباس، وهو جاره في دبي، حيث يمتلكان عقارات في نفس المبنى السكني الفاخر الذي يقع بالقرب من برج خليفة”.
وأوضح هيوز أنه في حين أن الديناميكية بين صلاح وكلوب كانت دائماً مهنية بحتة، إلا أنه وزميله مهاجم ليفربول ساديو ماني كانا يقاتلان في حالة حرب باردة، مشيراً إلى أن مهاجم ليفربول السابق روبرتو فيرمينو كتب في كتابه الخاص، العام الماضي، أن هناك مشاكل بين صلاح وماني، وأن التوتر المتصاعد بينهما انفجر عدة مرات، لا سيما في مباراة بيرنلي، عندما كان الأخير غاضباً من صلاح لعدم تمرير الكرة له.
ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة، إذ أنه في مرة أخرى، اندلع شجار بين ماني وزميل له في الفريق بعد اتهام الأخير له بعدم التركيز الكافي في المباراة، ورد ماني حينها قائلاً إن صلاح، الذي كان غير فعَال بنفس القدر في المباراة، نجا من الانتقادات بشكل غير عادل، واستمر الجدال حتى نهاية الشوط الأول، وعندما حاول كلوب التدخل، أصبح هو أيضاً هدفاً لغضب ماني.
وقال هيوز إن القراء قد يجدوا صعوبة في قبول بعض هذه التفاصيل، نظراً للأدوار التي لعبها صلاح وماني وكلوب في صعود ليفربول، خاصة في عصر كانت وسائل الإعلام تروج فيه لوجود وحدة مدهشة بينهم.
ومع ذلك، فإن تحقيق المجد مع بعض الأضرار الجانبية لا ينبغي أن يكون مفاجئاً، وذلك نظراً لأن المنافسة الداخلية والمواجهات هي جزء متكرر في قصص الرياضيين الناجحين والمؤسسات التي يمثلونها.
مستقبل صلاح
وأضاف هيوز أن تحديد مستقبل صلاح سيتم من خلال المحادثات بين النادي وعباس، وهو الرجل الذي يصر على التمسك بموقفه ولا يهتم كثيراً بما يعتقده الآخرون عنه.
وتابع: “لكن كلما زاد عدد الأشخاص الذين تحدثت إليهم من أجل كتابة سيرة صلاح الذاتية، كلما أصبح من الواضح أن التسوية كانت سمة بارزة في التكتيكات بين عباس وصلاح عندما كانت هناك حاجة لحسم عقده في المرة الأخيرة.
وأضاف: “ففي عام 2022، شعر عباس بتردد من جانب صناع القرار في ليفربول عندما قدموا عرضاً لحسم الصفقة، مما جعله يتساءل عما إذا كانوا يريدون حقاً أن يوقع موكله عليها في المقام الأول، وقد كان هذا موقف آخر يدل على أن الأمور لا تبدو دائماً في الواقع كما تبدو في عالم صلاح الفريد”.
* هذه المادة مترجمة من طرف SRMG